تناقض الادخار

إن تناقض الادخار ( Paradox of Thrift) هي نظرية اقتصادية تفترض أن المدخرات الشخصية تشكل عائقًا أمام الاقتصاد أثناء فترات الكساد، وتعتمد تلك النظرية على فرضية أن الأسعار ليست مُعفاة، أو أن المنتجين يفشلون في التكيف مع الظروف المتغيرة، على عكس توقعات الاقتصاد الجزئي الكلاسيكي. تصاعدت شعبية تناقض الادخار على يد الاقتصادي البريطاني “كينز”. 

وفقًا للنظرية الكينزية، الاستجابة المناسبة للركود الاقتصادي هي زيادة الإنفاق وزيادة المخاطرة وتقليل المدخرات. يعتقد كينز أن اقتصاد الركود لا ينتِج بكامل طاقته بسبب قلة استغلال بعض عوامل الإنتاج مثل الأرض والعمالة ورأس المال. 

يجادل الكينزيون أيضا أن الاستهلاك أو الإنفاق يوجه النمو الاقتصادي. وبناء على ذلك، بالرغم من أن المنطقي أن يقلل الأفراد والأسر الاستهلاك أثناء الأوقات الصعبة إلا أن هذه خطوة خاطئة تضر الاقتصاد ككل. 

إن تراجع إجمالي إنفاق المستهلكين قد يجبر الشركات على تقليل إنتاجها مما سيزيد الركود أكثر. إن هذا الانفصال بين عقلية الفرد والجماعة هو أساس تناقض الادخار. وشاهدنا مثالاً على ذلك أثناء فترة الكساد العظيم التي تلت الأزمة المالية العالمية عام 2008. 

النموذج الاقتصادي للتدفق الدائري

ساعد كينز على إحياء نموذج التدفق الدائري في الاقتصاد، وتنص تلك النظرية على أن زيادة الإنفاق الحالي توجه الإنفاق المستقبلي، فالإنفاق الحالي يؤدي إلى زيادة دخل المنتجين الحاليين، ومن المنطقي أن يوزع هؤلاء المنتجين دخلهم الجديد وأحيانًا يوسعون أعمالهم ويوظفون عمال جدد ويكسب هؤلاء العمال دخل جديد، يمكنهم إنفاقه بعد ذلك. 

اقترح كينز تشجيع الإنفاق الحالي من خلال تقليل أسعار الفائدة لتقليل معدلات الادخار الحالية. ويقول كينز أنه إذا لم تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى زيادة الاقتراض والإنفاق، فإن الحكومة يمكنها ممارسة إنفاق العجز (deficit spending) لسد تلك الفجوة. 

 

قيود تناقض الادخار 

يتجاهل نموذج التدفق الدائري الدرس الموجود في قانون ساي (Say’s law)، والذي ينص على ضرورة إنتاج البضائع قبل أن يتم مبادلتها. إن الآلات الرأسمالية –التي تؤدي إلى زيادة مستويات الإنتاج- تتطلب مدخرات واستثمارات إضافية. ولا يعمل نموذج التدفق الدائري إلا في الإطار الذي لا يحتوي على البضائع الرأسمالية. 

إضافةً إلى ذلك، تتجاهل النظرية احتمال حدوث التضخم أو الانكماش، ويتوقع كينز أنه إذا تسبب تزايد الإنفاق الحالي في ارتفاع الأسعار المستقبلية بنسبة متوافقة، سيظل الإنتاج والتوظيف المستقبلي كما هو بدون تغيير. وبالمثل، إذا أدى الادخار الحالي أثناء الركود إلى انخفاض الأسعار المستقبلية، فليس من الضروري أن ينخفض الإنتاج والتوظيف المستقبلي. 

وأخيرًا، يتجاهل تناقض الادخار احتمالية استخدام البنوك للدخل المدخر في منح قروض لأشخاص آخرين. وعندما تزيد مدخرات بعض الأفراد، تنخفض أسعار الفائدة عادةً، وتقدم البنوك قروضًا إضافية. 

واجه كينز تلك الاعتراضات بقول أن قانون ساي كان خاطئًا، وأن الأسعار جامدة جدًا لدرجة تجعلها غير قادرة على التكيف بكفاءة. مازال الاقتصاديون منقسمون بشأن جمود الأسعار، ويوجد قبول واسع النطاق بين الاقتصاديين لفكرة أن كينز قدّم قانون ساي بطريقة خاطئة عند تنفيذه له. 

 

أمثلة على تناقض الادخار

يمتلك أحمد مصنعًا ينتج قطع غيار لأجهزة الكمبيوتر، والمصنع من ضمن أكبر أماكن التوظيف في البلدة وكان يخطط لتوسيع قدرته الإنتاجية من خلال تركيب المزيد من الماكينات وتعيين موظفين جدد. 

ولكن حدث الركود، ولجأ أحمد إلى الادخار بدلاً من ذلك، وسرّح الموظفين، وأوقف تشغيل الآلات في المساء. بدأ عمال المصنع العاطلين –الذين لم يعد لديهم دخل- في الادخار أيضًا، وقللوا الطلب على البضائع التي ينتجها مصنع أحمد. زاد عمال المصنع العاطلين إنفاق الدولة الإجمالي على الضمان الاجتماعي أيضًا، مما أدى إلى ضعف اقتصاد البلدة كذلك. 

المصدر:

https://www.investopedia.com/terms/p/paradox-of-thrift.asp

 

شارك المقال مع أًصدقائك
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
تليجرام
واتساب
ايميل
مقالات آخرى قد تعجبك

تابعنا على موقع لينكدإن