الانكماش (Deflation) هو الهبوط العام في أسعار السلع والخدمات، ويرتبط عادةً بتقلص المعروض النقدي (Supply of Money) أو الائتمان في الاقتصاد، وترتفع القوة الشرائية للعملة بمرور الوقت.
يتسبب الانكماش في انخفاض التكاليف الاسمية لرأس المال، والعمالة، والسلع والخدمات على الرغم من أن أسعارها قد لا تتغير. كان الانكماش مصدر قلق علماء الاقتصاد منذ عقود طويلة. وظاهريًا، الانكماش يُفيد المستهلكين حيث يمكنهم شراء المزيد من السلع والخدمات بنفس الدخل الاسمي بمرور الوقت. ومع ذلك، لا يستفيد الجميع من انخفاض الأسعار، وكثيرًا ما يشعر الاقتصاديون بالقلق بشأن عواقب هبوط الأسعار على مختلف قطاعات الاقتصاد خصوصًا في الأمور المالية. وعلى وجه الخصوص، يمكن أن يضر الانكماش المقترضين الذين قد يكونوا ملزمين بسداد ديونهم بأموال تساوي أكثر مما اقترضوه، كما يضر المشاركين في السوق المالية الذين يستثمرون أو يتنبؤون باحتمال ارتفاع الأسعار.
أسباب الانكماش
استنادًا إلى التعريف، لا يمكن أن يحدث الانكماش النقدي إلا من خلال انخفاض المعروض من النقود أو الأدوات المالية القابلة للتحويل إلى نقود سائلة. وفي العصر الحديث، يتأثر المعروض النقدي أكثر من قِبل البنوك المركزية مثل الاحتياطي النظامي. وعندما ينخفض المعروض من النقود والائتمان دون انخفاض مقابل في الناتج الاقتصادي تميل أسعار جميع السلع إلى الانخفاض. وتحدث فترات الانكماش بشكل شائع بعد فترات طويلة من التوسع النقدي الاصطناعي. وكانت أوائل الثلاثينات من القرن الماضي آخر مرة شهد فيها انكماش كبير في الولايات المتحدة حيث كان المساهم الرئيسي في تلك الفترة الانكماشية هو انخفاض المعروض النقدي بعد فشل البنوك الكارثي. وفي العصر الحديث شهدت دول أخرى الانكماش كاليابان في التسعينات.
جادل الاقتصادي العالمي الشهير ميلتون فريدمان بأنه في ظل السياسة المثلى التي يسعى فيها البنك المركزي إلى معدل انكماش يساوي معدل الفائدة الحقيقي على السندات الحكومية من الواجب أن يكون المعدل الاسمي صفرًا، ويجب أن ينخفض مستوى السعر بشكل ثابت عند معدل الفائدة الحقيقي. وقد ولدت نظريته ما يعرف بقاعدة فريدمان (Friedman rule)، وهي قاعدة السياسة النقدية (Monetary policy rule).
ومع ذلك، يمكن أن ينجم انخفاض الأسعار عن عدد من العوامل الأخرى كانخفاض الطلب الكلي (Aggregate demand) (انخفاض في إجمالي الطلب على السلع والخدمات)، وزيادة الإنتاجية. يؤدي الانخفاض في إجمالي الطلب عادةً إلى انخفاض الأسعار لاحقًا، وتشمل أسبابه انخفاض الإنفاق الحكومي، وفشل سوق الأسهم، ورغبة المستهلك في زيادة المدخرات، وتشديد السياسات النقدية (ارتفاع معدل الفائدة).
يمكن أن يحدث انخفاض الأسعار بشكل طبيعي عندما ينمو الناتج الاقتصادي بشكل أسرع من المعروض من الأموال المتداولة والائتمان. ويحدث هذا خاصة عندما تعمل التكنولوجيا على تحسين إنتاجية الاقتصاد، وغالبًا ما يتركز ذلك في السلع والصناعات التي تستفيد من التحسينات التكنولوجية. كما تعمل الشركات بكفاءة أكبر مع تقدم التكنولوجيا. وتؤدي هذه التحسينات التشغيلية إلى انخفاض تكاليف الإنتاج، وتوفير التكاليف المحولة للمستهلكين في شكل انخفاض في الأسعار. ويتشابه هذا مع انكماش الأسعار العام – وإن كان هناك بعض الاختلافات بينهما – وانكماش السعر العام هو انخفاض عام في مستوى السعر وزيادة في القوة الشرائية للنقود.
الانكماش يغيّر تمويل الدين والأسهم
يقلل الانكماش الجدوى الاقتصادية لاستخدام الحكومات، والشركات، والمستهلكين لتمويل الدين، ولكنه يزيد القوة الاقتصادية لتمويل الأسهم المبني على المدخرات.
ومن وجهة نظر المستثمر، فإن الشركات التي لديها احتياطيات نقدية كبيرة أو لديها ديون قليلة نسبيًا تكون أكثر جاذبية في ظل الانكماش. والعكس صحيح بالنسبة للشركات المثقلة بالديون مع احتياطات نقدية قليلة. كما يشجع الانكماش على زيادة العوائد، وزيادة علاوة المخاطرة الضرورية على الأوراق المالية.
أهم النقاط
- الانكماش هو الانخفاض العام في مستوى أسعار السلع والخدمات.
- يرتبط الانكماش عادة بتقلص المعروض النقدي والائتمان، ولكن يمكن أن تنخفض الأسعار أيضًا بسبب زيادة الإنتاجية والتحسينات التكنولوجية.
- إن انكماش الاقتصاد أو مستوى السعر أو المعروض النقدي أو تضخمها يؤثر على جاذبية الخيارات الاستثمارية المختلفة.
المصدر: www.investopedia.com