إن الاقتصاد التطوري (Evolutionary Economics) هو نظرية تقترح أن من يحدد تطوير العمليات الاقتصادية وتشكّيل السلوك الاقتصادي هم الأفراد والمجتمع ككل.
تنظر النظريات الاقتصادية التقليدية عمومًا إلى الناس والمؤسسات الحكومية باعتبارهم فاعلون عقلانيون تمامًا، ولكن علم الاقتصاد التطوري يختلف مع هذا المنظور، حيث يتجاهل نظرية الاختيار العقلاني، ويحدد العوامل النفسية المعقدة كمحركات رئيسية للاقتصاد.
يعتقد الاقتصاديون التطوريون أن الاقتصاد تفاعلي، ومتغير باستمرار، وفوضوي، ولا يميل إلى حالة التوازن دائمًا كما تقول النظريات التقليدية. إن إنشاء السلع وشراء الإمدادات لهذه السلع يتضمن العديد من العمليات التي تتغير مع تطور التكنولوجيا. ويجب على المنظمات التي تحكم هذه العمليات وأنظمة الإنتاج، وسلوك المستهلك، أن تتطور أيضًا مع تغير عمليات الإنتاج والمشتريات.
يستكشف علم الاقتصاد التطوري كيف يمتد السلوك البشري، مثل إحساسنا بالإنصاف والعدالة، ليشمل الاقتصاد أيضًا، ويسعى إلى شرح السلوك الاقتصادي والتقدم الاقتصادي من ناحية التطور والغرائز البشرية التطورية مثل الافتراس والمحاكاة والفضول. يسود نموذج البقاء للأقوى في السوق الحرة، حيث يمتلك المستهلكون الكثير من الخيارات، وقلة فقط من الشركات يمكنها تلبية احتياجاتهم بالكامل، وكل شيء في حالة تغير مستمر، مما يعني أن العديد من المنافسين سيتم القضاء عليهم.
أحد أكبر الدروس التي يتفق عليها معظم الاقتصاديين التطوريين هو أن الفشل أمر جيد ولا يقل أهمية عن النجاح. وفقًا للنظرية، يمهد الفشل الطريق للازدهار الاقتصادي من خلال تشجيع زيادة الكفاءة وتطوير منتجات وخدمات أفضل. كما أنه يعلمنا المزيد من الأمور حول كيفية تطور احتياجات المجتمع بمرور الوقت.
أمثلة على الاقتصاد التطوري
كما هو الحال في علم الاقتصاد السلوكي، يُعتقد أن تصرفات الشركات تتشكل بأكثر من مجرد الرغبة في تحقيق ربح، وأن هناك عدة عوامل تؤثر على عملية صنع القرار وتحفزها، بما في ذلك العادات المحلية والخوف من عدم القدرة على النجاة.
يلعب التاريخ أيضًا دورًا رئيسيًا حيث يقال إن البلدان والاقتصادات ككل تتأثر بشدة بماضيها. على سبيل المثال، دول الاتحاد السوفيتي السابقة، التي كانت تحكمها لوائح صارمة لسنوات طويلة، من المرجح أن تعاني صعوبة أكبر في التفكير بطريقة إبداعية، لأنهم تعلموا ألا يفكروا بهذه الطريقة لعقود. إن الاختلافات في الماضي والتاريخ معناه أن نفس السياسة الاقتصادية لن تحقق نفس التأثير المتوقع في كل بلد.
تاريخ الاقتصاد التطوري
ابتكر الاقتصادي الأمريكي ثورستين فيبلين مصطلح الاقتصاد التطوري، وكان يعتقد أن العوامل النفسية تقدم تفسيرات أفضل للسلوك الاقتصادي من نظرية الاختيار العقلاني التقليدية.
استخدم فيبلين مثالاً للتسلسل الهرمي الاجتماعي والمكانة لتوضيح وجهة نظره، مشيرًا إلى أن الطلب على بعض السلع يميل إلى الزيادة عندما يكون سعر السلع أعلى، وهو ما يُسمى بالاستهلاك التفاخري أو الاستهلاك المظهري (conspicuous consumption). اعتمد فيبلين على العديد من مجالات الدراس ، بما في ذلك الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس.
لعب الاقتصادي النمساوي جوزيف شومبيتر أيضًا دورًا مهمًا في تطوير علم الاقتصاد التطوري، ووصف نموذجه للتدمير الإبداعي (creative destruction) الطبيعة الأساسية للرأسمالية بأنها دافع لا هوادة فيه نحو التقدم، كما بنى على ملاحظات فيبلين السابقة وأضاف إليها.
جادل شومبيتر بأن رواد الأعمال هم المحركون الرئيسيون للتنمية الاقتصادية، وأن الأسواق دورية، وتتحرك صعودًا وهبوطًا، حيث تتنافس الشركات باستمرار لإيجاد حلول تعود بالنفع على البشرية.
المصدر:
https://www.investopedia.com/terms/e/evolutionary-economics.asp