الاقتصاد السلوكي

إن الاقتصاد السلوكي (Behavioral Economics) هو دراسة كيفية ارتباط علم النفس بعمليات اتخاذ الأفراد والمؤسسات للقرارات الاقتصادية، وأهم سؤالين في هذا المجال هما:

  1. هل افتراضات الاقتصاديين بشأن تعظيم المنفعة أو الربح قريبة من سلوك الناس الحقيقيين؟
  2. هل يعظّم الأفراد المنفعة الشخصية المتوقعة؟

يرتبط الاقتصاد السلوكي بـ”الاقتصاد المعياري أو القيمي” (normative economics) عادةً.

إذا كنا في عالم مثالي، سيتخذ الناس قرارات مثالية تحقق لهم أكبر قدر من المنفعة والرضا، وتنص نظرية الاختيار العقلاني الاقتصادية على أنه عندما يُتاح للناس خيارات متنوعة في ظل ظروف الندرة الاقتصادية، سيختارون الخيار الذي يعظم رضاهم الفردي. تفترض تلك النظرية أن الناس قادرين على اتخاذ قرارات عقلانية مبنية على تفضيلاتهم والقيود المفروضة عليهم، وذلك من خلال المفاضلة الفعالة بين تكاليف ومزايا كل خيار متاح لهم، وأنهم سيتخذون قرارًا نهائيًا يحقق أفضل منفعة ممكنة للفرد. كما تفترض النظرية أن هذا الشخص العقلاني يمتلك قدر كافي من ضبط النفس، وأنه لا يتأثر بالمشاعر والعوامل الخارجية، وبالتالي يعرف مصلحته جيدًا، ولكن الاقتصاد السلوكي يوضح أن البشر غير عقلانيين وغير قادرين على اتخاذ قرارات جيدة.

 

يعتمد الاقتصاد السلوكي على علم النفس والاقتصاد معًا لاستكشاف سبب اتخاذ الناس لقرارات غير عقلانية أحيانًا، ولماذا وكيف لا يتبع سلوكهم توقعات النماذج الاقتصادية.

إن القرارات المتعلقة بأشياء مثل المبلغ المدفوع مقابل كوب من القهوة، والتسجيل في الجامعة أم لا، وإتباع نمط حياة صحي أم لا، ومقدار المبلغ المُدخر لأجل التقاعد وغيرها، هي كلها قرارات يضطر أغلب الناس لاتخاذها في مرحلة ما في حياتهم. يسعى الاقتصاد السلوكي إلى شرح سبب اتخاذ الفرد للقرار “أ” بدلاً من القرار “ب”.

إن البشر كائنات عاطفية وسهلة التشتت، ولهذا يتخذون قرارات ضد مصلحتهم أحيانًا. على سبيل المثال، وفقًا لنظرية الاختيار العقلاني، إذا أراد أحمد فقدان بعض الوزن، وكان لديه معلومات كافية حول عدد السعرات الموجودة في كل وجبة أو منتج قابل للأكل، فسيختار منتجات الطعام ذات أقل عدد من السعرات فقط، ولكن الاقتصاد السلوكي ينص على أنه إذا أراد أحمد فقدان الوزن، وعزم على تناول طعام صحي من الآن وصاعدًا، فإن سلوكه النهائي سيتأثر بالانحياز الأخلاقي والمشاعر والمؤثرات الاجتماعية. إذا كان إعلان تلفزيوني يروج لنوع أيس كريم معين بسعر جذاب ويقول أن الإنسان يحتاج إلى 2000 سعر حراري يوميًا ليؤدي وظائفه بكفاءة، فإن صورة الأيس كريم الشهية وسعره، وتلك الإحصائية التي تبدو سليمة، قد تدفع أحمد إلى الوقوع في فخ هذا الإغراء الشهي، ونسيان قرار فقدان الوزن، بما يُظهر نقص قدرته على ضبط النفس.

التطبيقات

زاد دمج الشركات للاقتصاد السلوكي في أعمالها لزيادة مبيعات منتجاتها. ففي عام 2007، كان سعر هاتف الأيفون ذي السعة التخزينية 8 جيجا بايت عند طرحه هو 600 ريال سعودي، ثم انخفض سريعًا إلى 400 ريال سعودي. ماذا لو كانت القيمة الحقيقية للهاتف هي 400 ريال بالفعل؟ إذا طرحت شركة أبل الأيفون مقابل 400 ريال سعودي منذ البداية، ربما استفز هذا رد فعل أولي سلبي في سوق الهواتف الذكية لأن سعره أعلى من اللازم، ولكن طرح الهاتف بسعر أعلى ثم تخفيضه إلى 400 ريال سعودي دفع المستهلكين إلى اعتقاد أنهم سيعقدون صفقة جيدة عند شراءه بهذا السعر، مما أدى إلى ارتفاع مبيعات شركة أبل. كمثال آخر، فكر في مُصنّع صابون ينتج نفس نوع الصابون ولكنه يسوّقه في عبوتين مختلفتين لجذب عدّة أنواع من المستهلكين المستهدَفين، فقد تروّج إحدى العبوات إلى أن الصابون مناسب لجميع أنواع مستخدمي الصابون، بينما تروّج عبوة أخرى أنه مناسب للمستخدمين ذوي البشرة الحساسة. إن الفئة الأخيرة المستهدفة لم تكن ستشتري المنتج إذا لم توضح العبوة أن الصابون مناسب للبشرة الحساسة، واختاروا هذا النوع من الصابون بدلاً من غيره رغم أنه نفس المنتج الموجود في عبوة الصابون العام بالضبط.

بعد أن بدأت الشركات في فهم أن المستهلكين غير عقلانيين، وجدت طريقة فعالة لدمج الاقتصاد السلوكي في سياسات اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة بما يفيد مساهميها الداخليين والخارجيين.

 

المصدر:

https://www.investopedia.com/terms/b/behavioraleconomics.asp

 

شارك المقال مع أًصدقائك
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
تليجرام
واتساب
ايميل
مقالات آخرى قد تعجبك

تابعنا على موقع لينكدإن