إن النهج التنازلي (Top-Down) والنهج التصاعدي (bottom-up) هما أساليب تُستخدَم في تحليل واختيار الأوراق المالية، ولكن تظهر تلك المصطلحات كذلك في العديد من مجالات الأعمال والتمويل والاستثمار والاقتصاد الأخرى، وبالرغم من أنهما مصطلحان شائعان، إلا أن الكثير من المستثمرين يخلطون بينهما، أو لا يفهمان الفروق بينهما جيدًا.
إن كل منهج منهما بسيط إلى حد كبير، فالنهج التنازلي ينتقل من العام إلى المحدد، بينما يبدأ النهج التصاعدي من المحدد وينتقل إلى العام. تعتبر هذه المناهج أساليب عمل محتملة في نطاق واسع من المهام، مثل وضع الأهداف وتحديد الميزانية والتوقعات. في العالم المالي، قد يُكلف المحللون أو شركات كاملة بمهمة التركيز على نهج أكثر من الآخر، وبالتالي من المهم جدًا فهم الفروق الدقيقة بينهما.
التحليل التنازلي
يشير التحليل التنازلي بصفة عامة إلى استخدام عوامل شاملة كأساس لاتخاذ القرار، ويسعى النهج التنازلي إلى تحديد الصورة العامة وجميع مكوناتها، وعادةً ما تكون تلك المكونات هي القوة الدافعة وراء الهدف النهائي.
يرتبط النهج التنازلي عادةً مع الاقتصاد الكلي. إن الاقتصاد الكلي في حد ذاته هو مجال اقتصادي يبحث عن أكبر العوامل المؤثرة على الاقتصاد ككل، وتشمل تلك العوامل: ومعدلات البطالة، والناتج المحلي الإجمالي العالمي والخاص بدولة محددة، ومعدلات التضخم.
إن المحلل الذي يطبق المنظور التنازلي يفحص كيف تؤثر العوامل النظامية على الناتج. وفي مجال تمويل الشركات، قد يعني هذا فهم كيف تؤثر اتجاهات الصورة العامة على المجال ككل. أما في مجال وضع الميزانية أو تحديد الأهداف أو التوقعات المستقبلية، فيمكن تطبيق نفس المفهوم على عملية فهم وإدارة العوامل العامة أو الشاملة.
الاستثمار التنازلي
في عالم الاستثمار، يركز المستثمرون على بيئة ودورة الاقتصاد الكلي، ويرغب هذا النوع من المستثمرين عادةً في تحقيق التوازن بين استثمار المستهلك في السلع الكمالية والسلع الأساسية المعتمدة بناءً على الوضع الاقتصادي الحالي. من الناحية التاريخية، اشتهرت السلع الكمالية باتباعها للدورات الاقتصادية، حيث يشتري المستهلكون سلع وخدمات كمالية أكثر في أوقات التوسع، ويقل شرائهم لها في أوقات الانكماش.
توفر السلع الأساسية فرص استثمار أقوى في جميع أنواع الدورات الاقتصادية لأنها تشمل سلع وخدمات ستظل محل طلب دائم بغض النظر عن الحركة الاقتصادية، وعندما يكون الاقتصاد في حالة توسع، تعتمد عوائد الشركات على زيادة استهلاك السلع الكمالية. وعلى النقيض، عندما ينكمش الاقتصاد أو يدخل في حالة كساد، يلجأ المستثمرون التنازليون إلى الملاذات الآمنة والسلع الأساسية.
تستطيع شركات إدارة الاستثمار ومديري الاستثمار تركيز استراتيجية استثمار كاملة على الإدارة التنازلية التي تحدد فرص تداول الاستثمار بناءً على متغيرات الاقتصاد الكلي التنازلي فقط. قد تكون تلك الصناديق الاستثمارية ذات تركيز عالمي أو محلي، مما سيزيد تعقيد النطاق أيضًا.
تُسمى تلك الصناديق عادةً باسم الصناديق الكلية (macro funds)، وتتخذ قرارات المحفظة الاستثمارية من خلال النظرية إلى الاقتصاد العالمي أولاً ثم اقتصاد الدولة، ثم يركزون أكثر على قطاع معين، ثم شركات فردية في هذا القطاع.
التحليل التصاعدي
يتخذ التحليل التصاعدي نهجًا مختلفًا تمامًا. بصفة عامة، يركز النهج التصاعدي تحليله على خصائص محددة وصفات دقيقة في سهم فردي. ينصب التركيز في الاستثمار التصاعدي على أساسيات كل شركة على حدة أو كل قطاع على حدة. يسعى هذا التحليل إلى تحديد الفرص المُربحة من خلال تحليل مميزات خصائص الشركة، وقيمتها مقارنةً بالسوق.
يبدأ الاستثمار التصاعدي بحوثه على مستوى الشركة، ولكنه لا يتوقف عند هذا الحد. تمنح تلك التحليلات وزنًا كبيرًا لأساسيات الشركة، ولكنها تحلل أيضًا القطاع وعوامل الاقتصاد الجزئي كذلك. وبالتالي، قد يكون الاستثمار التصاعدي واسع النطاق إلى حد ما ويشمل صناعة كاملة، أو قد ينصب تركيزه على تحليل الصفات المحورية.
المستثمرون النهج التصاعدي
عادةً ما يكونوا من نوعية المستثمرين الذين يشترون الاستثمارات ويحتفظون بها، ويفهمون أساسيات الشركة بعمق. قد يستخدم مديرو الصندوق المنهجية التصاعدية أيضًا.
على سبيل المثال، قد يُكلف فريق المحفظة الاستثمارية بمهمة تطبيق نهج الاستثمار التصاعدي في قطاع معين، مثل قطاع التكنولوجيا، ويُطلب منهم إيجاد أفضل استثمارات ممكنة باستخدام النهج الأساسي الذي يحدد الشركات ذات أفضل نسب أساسية أو صفات رائدة في الصناعة، ثم سيفحصون تلك الأسهم من ناحية التأثيرات الشاملة والعالمية.
إن صناديق مؤشر بيتا الذكية المركزة على القياسات هي مثال آخر على الاستثمار التصاعدي.
بصفة عامة، بالرغم من أن النهجين التصاعدي والتنازلي قد يكونا مختلفين جدًا، إلا أنهما يُستخدمان عادةً في جميع أنواع الفئات المالية، مثل الشيكات والأرصدة. على سبيل المثال، قد يركز الاستثمار التنازلي بشكل أساسي على الاستثمار وفقًا لاتجاهات الاقتصاد الكلي، ولكنه سيفحص أيضًا أساسيات استثماراته قبل اتخاذ قرار الاستثمار.
وعلى النقيض، يركز الاستثمار التصاعدي على أساسيات الاستثمار، ورغم ذلك سيرغب المستثمرون في دراسة الآثار المنهجية على الممتلكات الفردية قبل اتخاذ قرار.
المصدر:
https://www.investopedia.com/articles/investing/030116/topdown-vs-bottomup.asp