يشير مصطلح الابتكار المُزعزِع( Disruptive Innovation) إلى الابتكار الذي يحول المنتجات أو الخدمات باهظة الثمن أو شديدة التعقيد – التي لم يكن يستطيع الوصول إليها سابقًا إلا شريحة من المستهلكين المتميزين أو مرتفعي المهارات- إلى منتجات أو خدمات أقل تكلفة يستطيع شراءها عدد أكبر من السكان. يسبب هذا التحول زعزعة في السوق عن طريق إزاحة المنافسين القدامى.
الابتكار المُزعزِع ليس عملية تحسين أو تعزيز المنتجات لتقديمها لنفس المجموعة المستهدفة، وإنما يتضمن استخدام تقنيات مختلفة لتسهيل عملية استخدام المنتجات وإتاحتها لشريحة سوقية أكبر من الشريحة التي كانت مستهدفة فيما سبق. أحد الأمثلة على الابتكار المُزعزِع هو ظهور خيار التنزيل الرقمي للموسيقى من على الإنترنت، والذي حل محل الأقراص المضغوطة (CD).
التقنيات المستدامة هي التقنيات التي تتيح للأعمال التجارية تحسين عملياتها بشكل تدريجي في إطار زمني يمكن التنبؤ به، وتم تصميم هذه التقنيات وطريقة دمجها في الأعمال بشكل يُمكّن الشركات الاستمرار في المنافسة، أو على الأقل الحفاظ على الوضع الراهن. على النقيض، من الصعب التخطيط للتقنيات المُزعزِعة وطريقة دمجها، وربما كانت مُدمرة أكثر للشركات التي لم تولِها اهتمامًا كافيًا.
الاستثمار في الابتكار المُزعزِع قد يكون معقدًا، لأنه يتطلب من المستثمر التركيز على كيفية تكيف الشركات مع التكنولوجيا المُزعزعة، بدلاً من التركيز على تطوير التكنولوجيا نفسها. تعد شركات مثل أمازون وجوجل أمثلة على الشركات التي ركزت بشدة على الإنترنت باعتباره تقنية مزعزعة.
لقد أصبح الإنترنت راسخًا بشدة في العالم الحديث لدرجة أن الشركات التي فشلت في دمج الابتكار المزعزع في نماذج أعمالها تم إزاحتها جانبًا. قد يصبح الذكاء الاصطناعي (AI) وقدرته على التعلم من الموظفين وأداء وظائفهم بمثابة ابتكار مُزعزع لسوق العمل ككل قريبًا.
مازال هناك خلاف حول الشيء الذي يجعل التكنولوجيا أو الابتكار “مزعزعًا”. كما يمكن استخدام هذا المصطلح لوصف التقنيات التي لا تسبب زعزعة أو تخريب حقًا. كان الإنترنت مزعزعًا لأنه لم يكن تكرارًا لتقنية سابقة. لقد كان شيئًا جديدًا خلق نماذج فريدة لكسب المال لم تكن موجودة من قبل. أدى هذا بالطبع إلى التسبب في خسائر لنماذج الأعمال الأخرى.
يعتبر الأشخاص الذين يستخدمون الهواتف الذكية بدلاً من أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية لتلبية احتياجاتهم الحاسوبية، بما في ذلك تصفح الويب وعرض الفيديوهات، مثالاً آخر على الابتكار المُزعزع. أتاحت التحسينات التكنولوجية تزويد الهواتف المحمولة بمعالجات وشرائح صغيرة وتطبيقات برمجية تدعم هذه الوظائف.
استهدف مطورو الهواتف الذكية السوق الواسع لمستهلكي الأجهزة المحمولة الذين يمتلكون هواتف نقالة، ويرون أن من غير المريح حمل جهاز كمبيوتر محمول باستمرار لاستخدامه عند الرغبة في تصفح الإنترنت (ناهيك عن استحالة فعل هذا ما أجهزة الكمبيوتر المكتبية). الهواتف الذكية صغيرة الحجم، ويمكن حملها والوصول إليها بسهولة، وتُباع بأسعار معقولة نسبيًا مقارنة بأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية.
على النقيض، لا تعتبر السيارات الكهربائية القديمة في أوائل القرن العشرين مثالًا كلاسيكيًا للابتكار المزعزع، لأنها كانت تحسينًا لتكنولوجيا موجودة بالفعل، ولم يتم اعتمادها على نطاق واسع عند صدورها. لم تبدأ صناعة السيارات في التوسع والصعود الصاروخي إلا بعد أن أدى الإنتاج الضخم إلى خفض الأسعار، ونقل نظام النقل بأكمله من النقل بواسطة الحيوانات إلى السيارات. من ثمّ، يمكن القول أن نظام الإنتاج بالجملة يفي بمعايير الابتكار المزعزع.
الفرق بين الابتكار المُزعزع و استدامة الابتكار
الابتكار المزعزع هو ابتكار يبسط ويصنع منتجات وخدمات بأسعار معقولة للأسواق غير المرغوب فيها أو المتجاهَلة. وتسعى الشركات القائمة عادةً إلى تحسين منتجاتها وخدماتها لأجل قاعدة عملائها الذين تحقق ربحًا عن طريقهم، وتتجاهل إلى حد كبير احتياجات ورغبات القطاعات غير المستغلة. تعطي قلة الاهتمام هذه مساحة للشركات الصغيرة أو الوافدين الجدد لاستهداف هذه الفئة المتجاهلة من خلال تقديم خيارات أبسط وبأسعار معقولة.
من ناحية أخرى، فإن استدامة الابتكار هو عملية الابتكار بهدف تحسين المنتجات والخدمات الحالية لأجل قاعدة العملاء الحالية، إما بناءً على متطلبات العملاء أو متطلبات السوق. الابتكار المستدام لا يستهدف الأسواق غير المستغلة أو المتجاهلة، وإنما يبتكر ليظل مهمًا وقادرًا على المنافسة. إن تصنيع صانعو الأقراص المضغوطة لأسطوانات ذات سعة تخزين أكبر ومقاومة للخدش يعتبر مثالاً على الابتكار المستدام، بينما تعتبر الشركة التي تقدم التنزيلات الرقمية عبر الإنترنت –وبالتالي تحوّل الأقراص المضغوطة إلى تكنولوجيا قديمة- مثالاً على الابتكار المزعزع.
المصدر:
https://www.investopedia.com/terms/d/disruptive-innovation.asp
