إن اقتصاد الند للند (Peer-To-Peer (P2P) Economy) هو نموذج لامركزي يتفاعل بموجبه شخصان لشراء سلع وخدمات مباشرة من بعضهما أو إنتاج سلع وخدمات معًا، دون وجود طرف ثالث وسيط ودون الاستعانة بكيان مؤسسي أو شركة تجارية. يتعامل البائع والمشتري مع بعضهما مباشرةً في اقتصاد الند للند، سواء في تسليم السلعة أو الخدمة أو تبادل المدفوعات، وعادة ما يكون المنتِج فردًا خاصًا أو مقاولًا مستقلاً يمتلك أدواته (أو وسائل الإنتاج) ومنتجه النهائي.
يُنظر إلى اقتصاد الند للند على أنه بديل للرأسمالية التقليدية، التي تمتلك فيها الشركات التجارية المنظمة وسائل الإنتاج وكذلك المنتج النهائي، وتعمل الشركات كوسطاء مركزيين، وتبيع السلع والخدمات الجاهزة للعملاء، وتوظف العمالة حسب الضرورة لتنفيذ عملية الإنتاج.
يمكن أن يتواجد اقتصاد P2P داخل الاقتصاد الرأسمالي، إذ تتواجد البرامج مفتوحة المصدر (وهي P2P) مع البرامج التي تُباع بالتجزئة والبرامج التجارية، كما تعمل خدمات مثل Uber أو Airbnb كبدائل لخدمات سيارات الأجرة والنقل والفنادق. تمثل هذه الشركات هجينًا بين الشركات الرأسمالية التقليدية ونشاط P2P الحقيقي، وذلك من خلال توفير خدمات وسيطة، بما في ذلك شبكة لربط المشترين والبائعين ومعالجة المدفوعات، ولكنها تستخدم متعاقدين من القطاع الخاص لتقديم الخدمات مباشرة إلى العملاء.
إن اقتصاد الند للند لا يوجد فيه طرف ثالث في المعاملة، وبالتالي يوجد خطر أكبر مُتمثل في فشل التسليم، أو أن المنتج لن يكون بالجودة المتوقعة، أو أن المشتري قد لا يدفع ثمن المنتج أو الخدمة. قد يؤدي انخفاض التكاليف العامة، وانخفاض الأسعار نتيجةً لذلك، إلى تحمّل هذه المخاطر الإضافية.
إن تطور الإنترنت وثورة تكنولوجيا المعلومات سهّل تطبيق نظام الند للند بشدة في العصر الحديث، كما شجّع المستثمرين على الاستثمار في مقدمي الخدمات الذين يعملون على جعل معاملات P2P أكثر انتشارًا وأكثر أمانًا وفعالية، على الرغم من عدم مشاركتهم بشكل مباشر في إنتاج سلع أو خدمات P2P . يُعَد هذا مؤشرًا على الإمكانات الهائلة لمثل هذه النماذج التجارية المبتكرة، وسنرى أثرها بوضوح في السنوات القادمة.
الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد الند للند
هناك عدة عوامل تؤثر على مزايا تقسيم النشاط الاقتصادي إلى شركات رأسمالية مقابل اقتصاد P2P. ففي الرأسمالية، لا يمتلك العمال وسائل الإنتاج في كثير من الأحيان، ولا يتمتعون بأي حقوق في المنتج النهائي الذي ساهموا في صنعه، وإنما يتلقون أجرًا مقابل مساهمتهم في إنتاج الشركة، والتي تبيع المنتج بعد ذلك للعملاء. يتمتع النظام الرأسمالي القائم على شركات الطرف الثالث بمزايا عن اقتصاد P2P تتمثّل في زيادة الإنتاجية وكفاءة عملية الإنتاج بشكل عام بسبب:
1. وفورات الحجم الكبير
يكون إنتاج بعض السلع والخدمات أكثر كفاءة وأقل تكلفة عند إنتاجها بكميات كبيرة، ولكن بعض التقنيات الحديثة تزيد من كفاءة إنتاج سلع معينة على نطاقات أصغر، مما يسهل اعتماد نشاط P2P في تلك الأسواق.
2. تكاليف المعاملات
يمكن تخفيض تكاليف المعاملات عن طريق تقسيم أنشطة الأفراد في اقتصاد معين إلى شركات تجارية متميزة، أما في الحالات التي تساهم فيها التكنولوجيا -أو الخصائص السكانية- في تقليل هذا النوع من تكاليف المعاملات، فتقل الحاجة إلى الشركات التجارية، ويمكن للأفراد ممارسة الأعمال بكفاءة.
3. التخصص وتقسيم العمل
قد يحقق اقتصاد P2P نجاحًا أكبر في القطاعات التي يوجد بها أدوات تكنولوجية تسهّل على الأفراد إدارة أعمالهم الخاصة وأعباء عملهم، وتقلل الميزة النسبية الناتجة عن التخصص. بناء على ذلك، يكون الأفراد الذين يتمتعون بمهارات إدارية أو حُكم ريادي أفضل هم الأكثر قدرة على الاستفادة من اقتصاد P2P.
4. تحمل المخاطر وعدم اليقين
إن النشاط الاقتصادي القائم على اقتصاد الند للند لا يوجد به شركات أعمال تقوم بدور الوسيط، وبالتالي يتحمل الأفراد المزيد من المخاطر المباشرة الناتجة عن إدارة أعمالهم الخاصة، ويتكبدون خسائر مباشرة إذا انقلبت الظروف الاقتصادية غير المؤكدة ضدهم. تستطيع المؤسسات الاجتماعية السماح بمزيد من أنشطة الند للند الاقتصادية عن طريق زيادة قدرة الأفراد على تحمل مخاطر ممارسة الأعمال التجارية بأنفسهم. إن الأفراد الأكثر قدرة على تحمل عدم اليقين، والمستعدين لتحمُل مخاطر أكبر هم الأكثر ملائمة لاقتصاد الند للند.
المصدر:
https://www.investopedia.com/terms/p/peertopeer-p2p-economy.asp