الرجل الاقتصادي

الرجل الاقتصادي

الرجل الاقتصادي (Economic Man) يشير إلى الشخص المثالي الذي يتصرف بطريقة منطقية، ويمتلك معلومات كاملة، ونموذجية، ويسعى لتعظيم المنفعة الشخصية أو مستوى رضى الفرد. تفترض العديد من النماذج الاقتصادية وجود الرجل الاقتصادي.

 

يفسّر العلماء الظواهر عن طريق بناء النماذج، ولكي يتمكّنوا من بناء النماذج يجب عليهم أن يقوموا بطرح افتراضات تبسّط الواقع. إن أحد هذه الافتراضات المبسطة في الاقتصاد هي الشخص الذي يتصرف بمنطقية، وعقلانية تامة في المواقف الاقتصادية. فعلى العكس من الإنسان العادي، يتصرف الرجل الاقتصادي بشكل عقلاني دائمًا، وبشكل يلبي مصلحته، ويحقق له أقصى مكاسب ممكنة. يسمح هذا الافتراض لعلماء الاقتصاد بدراسة كيف ستعمل الأسواق لو كانت ممتلئة بهؤلاء الأشخاص النظريين. على سبيل المثال، يفترض علماء الاقتصاد أن قانون العرض والطلب يمكن وصفه بمعادلة رياضية (بمعنى أن الطلب على المنتج هو دالة خطية للسعر).

 

تاريخ الرجل الاقتصادي

إن فكرة أن البشر مخلوقات عقلانية يمكن تفسير سلوكياتهم من خلال الرياضيات تعود إلى عصر التنوير الأوروبي في القرنين الثامن عشر، والتاسع عشر. تم وضع العديد من الافتراضات التي بنيت عليها فكرة الرجل الاقتصادي لأول مرة من قبل مفكرين مبكرين مثل رينيه ديكارت، وجوتفريد ويلهيلم ليبنيتز ثم جيريمي بنتهام، وجون ستيوارت ميل.

أراد المفكرون في القرن التاسع عشر استغلال القوة التحليلية للرياضيات في مجالات السياسة، والحكومة. فقبل القرن التاسع عشر كانت هذه الموضوعات مجال الفلاسفة النوعيين. لذا أصر مفكرون مثل جون ستيوارت ميل، ولاحقًا علماء اقتصاد مثل كارل مينجر على أن تخصص الاقتصاد السياسي يجب أن يطبق الأسس الرياضية الصارمة في جميع مبادئه (حُذفت كلمة “السياسي” لاحقًا، وأصبح يشار للمجال باسم الاقتصادي).

كتب جون ستيوارت ميل مقالاً عام 1830م عنوانه “حول تعريف الاقتصاد السياسي ، وعلى طريقة التحقيق المناسبة لها”، يجادل فيه أن دراسة الاقتصاد السياسي ليست دراسة للسياسة التطبيقية، وإنما هي دراسة محدودة للإنسان ككيان مُجرّد يسعى لتحقيق ربح مادي في العالم. لم ينكر جون أن البشر لديهم مشاعر، وحوافز تتجاوز السعي وراء الرفاهية المادية، ولكنه رأى أن من الضروري استبعاد هذه الصفات من دراسة الاقتصاد حتى تظل الدراسة أكثر استدلالية، ومنطقية. إن فكرة اختزال الإنسان إلى جوهره المُجرّد للوصول إلى الحقيقة المركزية تمثل عنصرًا محوريًا في بداية ظهور فكرة الرجل الاقتصادي.

وفي هذه الصيغة ليس على الرجل الاقتصادي أن يتصرف بطريقة أخلاقية أو مسؤولة، ولا يحتاج حتى إلى التصرف بعقلانية من منظور مراقب خارجي. هو يحتاج فقط إلى التصرف بطريقة تسمح له بتحقيق أهداف محددة مسبقًا بأقل تكلفة ممكنة.

على سبيل المثال، لو أن صيادًا في المحيط الهادي يستخدم شبكة بلاستيكية تُستخدم مرة واحدة لصيد نفس كمية الأسماء التي يمكنه اصطيادها بشبكة غالية الثمن مصنوعة من الألياف الطبيعية المُحاكة يدويا، سيختار الشبكة البلاستيكية حتى لو أدى هذا في النهاية إلى تسميمه غير المقصود الأسماك  التي يعتمد عليها لكسب عيشه.

 

انتقادات لمفهوم الرجل الاقتصادي

يدرك الاقتصاديون أوجه القصور في استخدام نموذج الرجل الاقتصادي كأساس للنظريات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن البعض أكثر استعدادًا للتخلي عن المفهوم أكثر من الآخرين. فهناك مشكلة واحدة واضحة، وهي أن البشر لا يتصرفون دائمًا بعقلانية.

يفترض المفهوم أن الرجل الاقتصادي يواجه خيارات تمنحه مستويات رضا مختلفة، وواضحة، ولكن قد لا يكون الخيار الأفضل واضحًا دائمًا، إذ يمكن لخيارين تعزيز منفعة الشخص أو رضاه بأشكال مختلفة؛ فيصبح من الصعب عليه تحديد أيهما أفضل من الآخر.

تمثل مجموعة العمل في الاقتصاد الذي أصبح يطلق عليه الاقتصاد السلوكي أكبر تحدٍ مستدام للبناء التحليلي للرجل الاقتصادي. فالعناصر التي تشكل الاقتصاد السلوكي متنوعة، وتتراوح من حدود العقلانية، ونظرية الاحتمالات إلى الاختيار بين الزمان، ونظرية الدفع أو الوكز. ومع ذلك، فإنها تقدم جميعها نفس نقد الرجل الاقتصادي بأن اختزال الممثلين الاقتصاديين إلى مبادئهم الأولى ليس مبررًا قويًا بما يكفي لتقديم تفسير كامل للنشاط الاقتصادي أو الأسواق.

 

أهم النقاط

  • الرجل الاقتصادي هو مفهوم وضعه علماء الاقتصاد؛ لفهم سلوك البشر الذين يمارسون النشاط الاقتصادي.
  • إن الكيان المُجرّد المعروف بـالرجل الاقتصادي ظهر في القرن التاسع عشر على يد فلاسفة مثل جون ستيوارت ميل كجزء من مشروع تنويري واسع هدفه إدخال العلوم الطبيعية في جميع مجالات المعرفة.
  • ظهرت مجموعة بحوث تُسمى الاقتصاد السلوكي في القرن العشرين، والحادي والعشرين تتحدى شرعية فكرة الرجل الاقتصادي التجريبية.

 

 

المصدر: www.investopedia.com

شارك المقال مع أًصدقائك
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
تليجرام
واتساب
ايميل
مقالات آخرى قد تعجبك

تابعنا على موقع لينكدإن