أسواق النفط مرشحة للوصول إلى الاستقرار الكامل في 2018

أسامة سليمان من فيينا
أكد سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي – والذى ستتولى بلاده رئاسة منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” في عام 2018 – أن السوق النفطية لديها القدرة على الوصول إلى الاستقرار الكامل في العام المقبل، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض مستوى المخزونات إلى مستوى مناسب، ما يعطي الثقة للمستثمرين للعودة إلى المستويات المطلوبة لتحقيق استقرار السوق على المدى الطويل.
وقالت المنظمة الدولية – في أحدث تقرير لها – إن اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج واللجنة الفنية المرتبطة بها كشفت في أحدث بيانات عن الشهر الماضي أن المنتجين في “أوبك” وشركاءهم المستقلين حققوا أعلى مستوى مطابقة لخفض الإنتاج وهو مستوى مثير للإعجاب ويبلغ 122 في المائة بعد حالة من الأداء الجيد والمرتفع والمتواصل في الأشهر الماضية.
ونوه التقرير إلى استمرار التزام الدول المنتجة المشاركة في الاتفاق بشكل ثابت بمواصلة العمل من أجل تحقيق هدف إعادة التوازن إلى السوق وجعل هذا التوازن مستداما، لافتا إلى ارتياح اللجنة الشديد إلى النتائج التي تحققت والمستوى المطرد المتمثل في التوافق التام على تعديلات الإنتاج بشكل طوعي وتشجيع جميع الدول المشاركة على تحقيق المطابقة الكاملة لصالح المنتجين والمستهلكين على السواء.
وأشار المزروعي – في التقرير- إلى أن المنتجين في حاجة إلى توسيع الدول المشاركة في الاتفاق كما أننا بحاجة إلى رؤية نفس المستوى من الامتثال الذي تحقق في عام 2017.
وشدد التقرير على أهمية عمل لجنة مراقبة خفض الإنتاج الوزارية المشتركة وكذلك اللجنة الفنية المرتبطة بها وذلك من أجل تحقيق أهداف إعلان التعاون بشكل منهجي، مشددا على دور اللجنتين في ضمان استجابة المنتجين للحفاظ على مستوى عال من الامتثال لخفض الإنتاج بشكل مستمر لافتا إلى أن تحديات السوق النفطية قصيرة الأجل واضحة للجميع.
وأضاف التقرير أن أهمية “إعلان التعاون” تكمن في إعطاء الدول المنتجة درجة عالية من الأمل في تحقيق الاستقرار في السوق، معتبرا أن هذا الأمر يعد غاية في الأهمية وحث المنتجين على تحقيق درجة عالية ومتنامية في الامتثال لخفض الإنتاج على الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي تتعاون فيها هذه المجموعة من المنتجين مع بعضهم بعضا، لافتا إلى أنهم أظهروا جهودا جيدة ومسؤولة نحو استقرار السوق.
ولفت التقرير إلى أن السوق كانت تواجه خطر البقاء غير متوازن لفترة زمنية أطول في ظل تفاقم حالة فائض المعروض في الأسواق، ما أدى إلى إضعاف ثقة المستثمرين في قطاع النفط، ما تمثل في ضعف الاستثمار في مشروعات المنبع وهو ما أدى إلى تنامي المخاوف في قطاع النفط من حدوث نقص حاد آخر في العرض في المستقبل.
ونقل التقرير عن المزروعى تحذيره من أنه عندما يتجاوز نمو الطلب حالة انخفاض المعروض بشكل واسع سيؤدى هذا الأمر إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار النفط، الذي يمكن أن يبطئ معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
وذكر التقرير أن تعاون المنتجين لم يكن مفيدا فحسب بل ضروريا للغاية معتبرا أن التعاون كان إنجازا تاريخيا لـ”أوبك” وللشركاء من خارج المنظمة، حيث عمل الجميع معا على استعادة حالة الاستقرار في السوق وقد استفادت من نتائج هذا التعاون الصناعة بأكملها.
وبحسب التقرير، فإنه من دون اتفاق تعاون بين الـ 24 منتجا كان من الصعب على دول “أوبك” وحدها ومن جانب واحد القيام طوعا بضبط إنتاجها والتأثير في المعروض النفطي العالمي.
في سياق متصل، نقل التقرير عن إيمانويل كاشيكو وزير الموارد البترولية في نيجيريا تأكيده أهمية الاتصالات والتعاون بين دول منظمة “أوبك” والمستقلين والتى انطلقت منذ العام الماضي لافتا إلى أن إعلان التعاون بين المنتجين كان فكرة رائعة وأدت إلى حالة من الزخم الهائل لصناعة النفط الخام بشكل ما كان يصدق من قبل.
وأضاف الوزير النيجيري أن حالة الوحدة بين دول “أوبك” تنامت بعد إعلان التعاون المشترك وبين المنتجين بشكل عام لافتا إلى الدور المميز الذي لعبته سكرتارية “أوبك” منذ التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج، حيث قامت بعمل ممتاز على الرغم من تحملها عبء عمل إضافي كبير.
وجدد كاشيكو – من خلال التقرير – قناعته بأن الوحدة بين دول “أوبك” والمنتجين المستقلين من غير الأعضاء في المنظمة لم تكن مهمة سهلة ولكن الجميع كان على قناعة تامة بأن التعاون هو الحل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الطابع العالمي لاتفاق التعاون بين المنتجين بزيادة الدول الأعضاء أدى ذلك إلى مزيد من الاستقرار في السوق.
ونوه التقرير نقلا أيضا عن إيلخيو ديل بينو وزير النفط الفنزويلي السابق أن المفتاح لسوق صحية هو تحقيق أقصى درجات الانضباط، مشيرا إلى أن المشاركين في “إعلان التعاون” يجب أن يحافظوا على التزامهم القوي حتى تتحقق النتيجة المثلى لإعادة التوازن في السوق في وقت قصير.
ولفت ديل بينو إلى أهمية أن يسارع المنتجون من خارج الأعضاء في الاتفاقية إلى الانضمام اليها مشددا على ضرورة وجود مساهمات مهمة من المنتجين الآخرين في العالم بخلاف الـ 24 الأعضاء في “إعلان التعاون” التاريخي.
واعتبر الوزير الفنزويلي السابق – في التقرير- أن تمديد قرارات خفض الإنتاج سيتيح سوقا عادلة وسيمكن تجنب التأثيرات السلبية الواسعة لمنتجين آخرين مثل الولايات المتحدة، الذين يريدون حظر تجارة النفط الحرة بفرض عقوبات على عديد من الدول المنتجة للنفط، وبالتالي خلق حرب أسعار النفط في بعض مناطق العالم، علاوة على إيجاد سوق غير عادلة وغير مستقرة يؤثر سلبا في كل سكان العالم.
ويرى ديل بينو أن جهود “أوبك” والمستقلين يمكن أن تصل بالأسعار إلى مستويات أعلى قد تراوح بين 60 دولارا و70 دولارا للبرميل في عام 2018.
إلى ذلك، كشف تقرير “أوبك” عن الاتفاق مع الصين على المشاركة في إعداد تقرير التوقعات السنوي الصادرة عن المنظمة علاوة على مشاركة وفد رفيع من خبراء الطاقة الصينيين في سيمنار الطاقة الذي تعقده “أوبك” في فيينا في حزيران (يونيو) القادم والذي يعقد كل ثلاث سنوات بمشاركة وزراء الدول المنتجة وكبريات شركات الطاقة والمؤسسات الدولية المعنية بمتابعة وتقييم الأداء في سوق النفط والغاز.
وأفاد التقرير أن الجولة الأخيرة من الحوار مع الصين في بكين تعد نقطة تحول في العلاقات بين الصين ومنظمة “أوبك”، حيث تمثل بكين أهمية كبرى للصناعة كمستهلك رئيسي ومنتج للنفط، فضلا عن كونها محركا للنمو الاقتصادي العالم، ما يجعل التعاون المكثف بين الطرفين ضرورة لافتا إلى أن هذا التعاون ليس فقط لصالح الصين والدول الأعضاء في منظمة “أوبك”، ولكن أيضا في صالح الاقتصاد العالمي.
وذكر التقرير أنه تم استكشاف خيارات مختلفة خلال الحوار الأخير بشأن كيفية تنفيذ وتفعيل النية البناءة لتعزيز العلاقات، حيث تم الاتفاق على عدد من الإجراءات الملموسة لتحقيق نتائج مفيدة للطرفين.
ونوه التقرير إلى تأكيد محمد باركيندو الأمين العام لـ “أوبك” على الدور الحاسم والموسع الذي ستلعبه الصين في الطلب المستقبلي على الطاقة مشيرا إلى وجود رغبة في تجميع الخبرات الجماعية للمنتجين والمستهلكين لزيادة فاعلية التعاون المشترك مشددا على أنه من خلال الحوار المفتوح والشفاف وروح التآزر بين جميع أصحاب المصلحة، يمكن التغلب على التحديات وتحقيق نتائج مفيدة للجميع.
وذكر التقرير أن “أوبك” اطلعت في الاجتماع الأخير مع المسؤولين الصينيين على آفاق الطاقة وإنتاج النفط في آسيا مع التركيز بشكل خاص على وضع السوق الصينية حيث قدم مختصون صينيون ملامح الخطة الخمسية الـ13 للبلاد فيما يتعلق بصناعة النفط والغاز والسياسات ذات الصلة فضلا عن الوضع الراهن وآفاق تطوير النفط والغاز في الصين.
وأضاف التقرير نقلا عن باركيندو أنه بالنظر إلى النوايا الطيبة لكلا الجانبين فإن “أوبك” تتطلع إلى تحقيق عديد من الإنجازات في المستقبل نتيجة الشراكة المزدهرة بين “أوبك” والصين لافتا إلى أن الاجتماع الثالث الرفيع المستوى لحوار الطاقة بين المنظمة وبكين سيعقد في فيينا في العام المقبل 2018.
وبحسب التقرير، فإن “أوبك” والصين اتفقا معا على عقد اجتماعات على مستوى الخبراء التقنيين على أساس منتظم، ومن شأن ذلك تسهيل زيادة تبادل البيانات والمعلومات والآراء التي يتفق الطرفان على أنها حاسمة للمساعدة في التغلب على التحديات في السوق وجرى التشديد بوجه خاص على أن هذه المبادلات ينبغي أن تركز على التطورات والجوانب التكنولوجية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد ارتفعت أسعار النفط في تعاملات خفيفة اليوم الجمعة لتبقى قرب أعلى مستوياتها منذ 2015 مدعومة بتعهدات من السعودية، أكبر منتج في منظمة أوبك، وروسيا، أكبر المنتجين خارج المنظمة، بأن أي خروج من اتفاق تخفيضات الإنتاج سيكون تدريجيا.
وبحسب “رويترز”، فقد أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 35 سنتا لتبلغ عند التسوية 65.25 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى إغلاق منذ حزيران (يونيو) 2015.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 11 سنتا لتغلق عند 58.47 دولار للبرميل، وعلى مدى الشهرين المنقضيين لامس الخام الأمريكي أيضا مستويات لم يشهدها منذ منتصف 2015.
وتعافت أسعار النفط في الـ12 شهرا الماضية بدعم من تخفيضات في إنتاج الخام تنفذها أوبك وروسيا ومنتجون آخرون، وهو ما يساعد على تقليل الفائض بالمخزونات العالمية.
وقال إلكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي إن “أوبك” وروسيا ستتخارجان من تخفيضات الإنتاج بطريقة سلسة، ربما بتمديد التخفيضات في شكل ما لتفادي خلق أي فائض جديد.
ومن جانبه، أشار المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى أنه من السابق لآوانه مناقشة تغييرات في اتفاق خفض الإمدادات لأن عودة التوازن إلى السوق من غير المرجح أن يحدث حتى النصف الثاني من 2018.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن شركات الطاقة الأمريكية أبقت على عدد الحفارات النفطية العاملة بلا تغيير هذا الأسبوع، حتى رغم بقاء أسعار الخام قرب أعلى مستوياتها منذ صيف 2015.
واستقر عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، عند 747 حفارا في الأسبوع المنتهي في 22 كانون الأول (ديسمبر)، لكنه ما زال أعلى كثيرا من مستواه قبل عام عندما بلغ 523 حفارا فقط.
واستمرت الزيادة في أعداد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة 14 شهرا قبل أن تتعثر في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) مع تقليص بعض المنتجين خططهم للإنفاق لعام 2017 بعد أن تحولت أسعار الخام للتراجع أثناء الصيف، وقد بدأت شركات الطاقة زيادة الحفارات مجددا في تشرين الثاني (نوفمبر) مع صعود أسعار النفط.

شارك المقال مع أًصدقائك
فيسبوك
تويتر
لينكدإن
تليجرام
واتساب
ايميل
مقالات آخرى قد تعجبك

تابعنا على موقع لينكدإن